{["سيئ", "ممل", "يحتاج المزيد من التفاصيل", "رائع"]}

تحدثت في تدوينتي الأخيرة عن إعجابي بتراتيل مسيحية بصوت السيدة فيروز..

وكأن هذا كان جرماً يستحق اللوم والعتاب، جاءتني كلمات من باب "إن الدين عند الله الإسلام"، وأعود فأكرر أن القرآن نسب الإسلام أصلاً للنبيّ إبراهيم "في قوله "وأنا أول المسلمين"، فالإسلام يعني دين التوحيد والسلام، مقاصده هي الحب والعدل والحق والحرية والتسامح، هذا هو الإسلام، وليس الدين محصوراُ في قرآن أو ركعات وسجدات بعينها، وإن كنا نؤمن أن الإسلام هو آخر الرسالات السماوية، إلا أن مقاصد الدين وروحه تعلو على مسمياته ومبانيه وليس التقرب إلى الله محصوراً في عباداتٍ أو كلماتٍ بعينها.

إن الله تعالى استخدم كل ما في الكون من فنون وإبداع للتواصل مع من يفهم ويعي، والكون مليء باللوحات الفنية والموسيقى التي تصدح بها السماوات ليل نهار، لمن ألقى السمع وهو شهيد، لكن فتاوى التحريم.. بدءاً من تحريم التصوير وحتى الموسيقى مروراً بتحريم كل ما هو جميل، هذه الفتاوى أصابت عقول الكثيرين بأمراض يستلزم الشفاء منها دهراً طويلاً، ونحن على الدرب سائرون !!

وتعقيباً على من تعجب من التراتيل المسيحية، وكيف يمكن للإنسان أن يدعو خالقه ويتقرب من روعة الوجود وسره بالموسيقى والفنون، فإني أهدي لكم اليوم موسيقى من أروع ما سمعت أذن البشر، موسيقى جمالٍ ومحبةٍ وسلامٍ، موسيقى السمفونيةالتاسعة لبيتهوفن.




إن من إبداع البشر ما يكاد يُلامس أطراف الكونِ في خشوعٍ وتأمل ودعاء..
إنها سيمفونية الفرح، أو ربما هي مزامير داود بُعثت لتسمعها أذن البشر من جديد..
وكأنها موسيقى إلهية تنساب في جمالٍ وعظمة، كأنها رسالة سماوية لكل البشر. نعم، فإن أي رسالة حبٍ وإخاءٍ هي رسالة من الله لخلقه، ولا تنقطع رسالات الخالق أبداً.

انتهى بيتهوفن من تأليف موسيقاها عام 1824 م، وبها تـُـغنّى بعضٌ من كلمات الشاعر الألماني شيللر، ومنها تم اختيار نشيد الاتحاد الأوربيّ الحالي تخليداً لكلمات وموسيقى عظيمة.

لو تأملت جيداً الكلمات، ستجد فيها صلاةً ودعاءً لكل البشر، ستجد فيها ما ضاع منا من قيم الدين، ما تم اختطافه، الحب والرحمة والسلام. ألم يقل الله عن يحيى "وحناناً من لدنا"، ألم يقل لموسى "وألقيتُ عليك محبة مني"، ألم يقل لمحمد "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"؟ أين هي المحبة والرحمة في خطابات الدعاة والمشايخ اليوم، وكأنها قيمٌ سُرقت فلا تُسمع إلا في كلمات الشعراء والفنانين وكأنها "رجسٌ من عمل الشيطان" أو كأنها تنتمي إلى عالم آخر!! هل وصلت نفوسنا إلى هذه الدرجة من الكراهية، فلا يتبادر إلى ذهنك عندما تستمع إلى كلمة "حب" إلا المعصية والذنب؟

هل سمعت يوماً عن عازف بيانو فجّر نفسه وسط الأبرياء؟ هل سمعت يوماً عن موسيقار طلب من معجبيه كراهية إنسان أو الاعتداء على آخر؟ لكن كم من مشايخنا الأجلاء ومن يقفون على المنابر كل جمعة يحشون آذان المستمعين بخطابات العنف والكراهية والطائفية العمياء؟ وهم في النهاية محسوبون على عقولهم المريضة وليسوا محسوبين على أيّ دينٍ كان.

أدعوك لقضاء وقتٍ ممتعٍ مع موسيقى بيتهوفن، وكلمات شيللر الرائعة، في دعاء محبة وسلام لكل البشر.

***



كلمات الشاعر شيللر (باللغة الألمانية)
ترجمة الكلمات بالعربية (بتصرف)
O Freunde, nicht diese Toene!

Sondern lasst uns angenehmere anstimmen und freundenvollere!
يا كل البشر الأخوة، اتركوا الأصوات الحزينة
ودعونا نرفع أصواتنا بأنغام السعادة والفرحة
Freude, schoener Goetterfunken,

Tochter aus Elysium,

Wir betreten feuertrunken,

Himmlische dein Heiligtum.

Deine Zauber binden wieder,

Was die Mode streng geteilt;
Alle Menschen werden Brueder,
Wo dein sanfter Fluegel weilt. 
أيها الفرح
يا صاحب الجمال البراق، إنك تجمعنا سوياً، وتجعل كل البشر أخوة
الفرح يصلح ما قطعته الأيام،
كل البشر يصبحون أخوة عندما تمر أجنحته الرقيقة
Wem der grosse Wurf gelungen,

Eines Freundes Freund zu sein,

Wer ein holdes Weib errungen,

Mische seine Jubel ein!

Ja - wer auch nur eine Seele

Sein nennt auf dem Erdenrund!
Und wer's nie gekonnt, der stehle
Weinend sich aus diesem Bund! 
إن الإنسان المحظوظ
هو الذي أصبح صديقاً لصديق
أو فاز بقلب امرأة جميلة تكون زوجته

إن البشر جميعاً يملكون روحاً واحدة
وإنسان بلا روح، يفشل في الاختبار
دعوه يخرج من حشدنا المحب
Freude trinken alle Wesen

An den Bruesten der Natur,

Alle Guten, alle Boesen

Folgen ihre Rosenspur.

Kuesse gab sie uns und Reben,

Einen Freund, geprueft im Tod,
Wollust ward dem Wurm gegeben,
Und der Cherub steht vor Gott. 
كل إنسان يشرب السعادة من الطبيعة ويرتوي منها

لقد منحتنا الطبيعة جميعاً الخير والحب والسعادة
غريزة البقاء وحب الحياة هي الهدية الجميلة

والملائكة تقف معنا مرسلة من عند الخالق
Froh, wie seine Sonnen fliegen

Durch das Himmels praecht'gen Plan,

Laufet, Brueder, eure Bahn,

Freudig wie ein Held zum Siegen. 
تسبح شموس فرحة
عبر السماوات بحسبان
فاركضوا الأيها الأخوة في سبيلكم
فرحين كأبطال منتصرين
Seid umschlungen, Millionen!

Diesen Kuss der ganzen Welt!

Brueder - ueberm Sternenzelt

Muss ein lieber Vater wohnen. 
أيها الملايين فلنحتضن بعضنا
ونرسل قبلة لكل العالم
أيها العالم..
خلف النجوم، هناك يعيش خالقٌ محب
Ihr stuerzt nieder, Millionen?

Ahnest du den Schoepfer, Welt?

Such ihn ueberm Sternenzelt,

Ueber Sternen muss er wohnen.
ايها البشر لا تيأسوا
أيها العالم هل تشعر بوجود الخالق؟
ابحثوا عنه في الآفاق
لأنه حقاً موجود